مملكة الدالي للروحانيات والحكمة *** الكشف والعلاج المجاني والمتابعة وعلاج كل الامراض الروحية eddouali@hotmail.com = 0021698814085

للكاتب عبد الرحيم محمد الميرابي

الفرق بين نفس الإنسان وروحه

يلتبس الأمر على البعض حينما يتحدثون عن النفس، فيصفونها على أنها الروح! وإذا تحدثوا عن الروح، وصفوها على أنها النفس!.. ثمة خلط في المفاهيم.. لكن أكثر ما أتعجب له هو إصرار بعض العلماء على ترجمة كلمة psychology)) بـ (علم الروح) ـ وهذا صحيح بالنسبة لمعناها الحرفي باللاتينية ـ على الرغم من اصطلاح علماء آخرين بأنها تعني (علم النفس) وهذا صحيح من الناحية التطبيقية.
النفس شيء.. والروح شيء آخر.. وكأني ـ الآن ـ أسمعك عزيزي القارئ وأنت تقول في نفسك: قال تعالى: "قل الروح من أمر ربي". وهذا هو الصحيح، لكن لتوضيح ما أقصده، دعنا نقرأ الأسطر التالية:
نحن ـ عادة ـ نشيع أقوالا على نحو: روحي تعبت.. روحي طلعت.. خرجت روحه.. زهقت روحه.. كل هذا خطأ في الوصف لا يليق بالروح؛ ذلك لأنني أؤمن بأن التي تخرج من جسد الإنسان عند موته هي النفس وليست الروح، بدليل قوله تعالى: "الله يتوفى الأنفس حين موتها"، وقوله تعالى: "كل نفس ذائقة الموت"، وكذلك مخاطبة الملائكة للظالمين عند الحشرجة، بقوله تعالى: "أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون".. إذن نفهم من هذا أن النفس هي التي تخرج، وتزهق، وتذوق الموت، وليست الروح.
الروح: تنسب إلى الله دائماً.. لذلك لا يمكن أن تموت أبداً، ولا يمكن أن يكون من نصيبها في الدنيا أن تكدح أو تهوى أو تعشق أو تشتهي أو تأمر بسوء أو تعذب لا قبل الموت ولا بعده، ولا يجري عليها حال من أحوال النفس.
النفس: دائماً وأبداً تنسب إلى صاحبها، فهي إما خيّرة طيبة، أو فاجرة شريرة.. إما قريبة من الله بالطاعات، أو بعيدة عنه بالمعاصي.. وهي التي تحاسب بعد موتها وليست الروح، وهي التي تجزع، وتضيق، وتوسوس، وتشح، وتبخل، وتسفه، وتسيء، مع علمها بتنزيه روحها، لأنها من روح الله.. إذن شتان ما بين الروح والنفس، فلا يحق لنا أن نتكلم عن الروح بما يقع على النفس، ولا وصف النفس بالروح، فالنفس تتغير وتتقلب بحسب الهوى والتقوى.. ولهذا ـ عزيزي الذي مازلت تقرأ لي إلى الآن ـ سأتركك وحدك هنيهة مع هذه الآيات البينات التي تنسب النفس إلى صاحبها وليس إلى الله، ثم أعود إليك.. قال تعالى:"ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها" ، "وما أصابك من سيئة فمن نفسك"،"ومن يوق شح نفسه"، "وكذلك سولت لي نفسي"،"وما أبرئ نفسي"،"وضاقت عليهم أنفسهم"، "فطوعت له نفسه قتل أخيه"،"إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم"، "ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه".
أعود إليك لنستكمل الموضوع معاً.. لم نجد في الآيات السابقة ذكراً للروح، لكن ألا تلاحظ أن النفس ـ أيضاً ـ تحب أن تتزكى وتتطهر في محاولة للسمو إلى الروح دون أن تعلم ما صفة الروح وما تفسيرها، فالمسألة بالنسبة لها غيب في غيب.. لذا، ما رأيك أن نقرأ ثم نتدبر قوله تبارك وتعالى للملائكة: "إني خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين".. أيّ تكريم هذا للنفس والروح معاً، مع أنهما لا يلتقيان.. فهلا أدركنا أن هذا التعظيم للإنسان ما كان ليحدث لولا أن نفخ الله فيه من روحه.. فالأمر هنا بالسجود لآدم جاء بعد النفخ فيه من روحه تعالى، فكأنما السجود لروح الله في الإنسان، وليس (لنفس) الإنسان في الإنسان.. لا إله إلا أنت ربي ما أكرمك.. ما أجلك وأعظمك.
ومع كل هذا نسمع ـ كما أوضح ذلك الدكتور مصطفى محمود ـ بأن الإنسان نفسه يتطاول على علم الروح الغيبي، فيقول بأنه يحضر الأرواح!.. فأي أرواح يحضر؟!.. ولعمري لَهذا أكبر ضرراً من الذي يقول لمعشوقته: أنت روحي يا بعد روحي، فتقول له: وأنت أغلى من روحي! أو يقول: أنت كالموسيقى غذاءٌ للروح، أو ذلك الذي يقولونه مشروباً روحياً، أو أن يقول أحد لآخر في تحقير للروح والعياذ بالله: تعست روحك.. شقيت روحك، وغير ذلك من الإساءات للروح.. أنا شخصياً لا أعرف عن أي روح يتحدثون؛ لأنني لم ولن أعرف الروح أبدا.