بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
هيا معا نبحر في بحار الرضا ونسطحب معنا نماذج من الراضين حتى يكونوا لنا نبراسا يضيء لنا الطريق.
هيا نضع أيدينا في أيدي بعض ولنبدأ على بركة الله وقبل أن نبدأ ليأخذ الجميع نفسا عميقا ويستشعر أن الله معنا ..يرانا ويسمعنا ولنهتف من أعماق قلوبنا ونردد هذه الزفرة المؤمنة الموقنة (رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا)
وأن نتذكر أن لنا جائزة من الله تعالي أخبرنا بها نبيه حين قال (من قال حين أصبح وأمسى رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا كان حقا على الله أن يرضيه )رواه الترمذي .
إن المؤمن الحقيقي لا يفرح بدنيا تصيبه ولا يحزن على فواتها ولكنه يفرح بالطاعة وتحزنه المعصية..
فالغد أمره بيد الله وليس للإنسان من أمره شيء فانه قد يأتي الغد وهذا الإنسان ليس من أهل الدنيا فالموت قريب منا جميعا ويجب أن نؤمن إيمانا راسخا بان الله تبارك وتعالي لا يقضى إلا بالحق فما يقضيه الله لإنسان هو الخير.
إن الله سبحانه وتعالي أعطى كل إنسان ما يكفيه فقد قدر الله الأقوات من الأزل قبل خلق السماوات والأرض ,ولكن الإنسان دوما يطلب المزيد وهو لا يعرف ما يفعل به المزيد .فحين يختار الله الغنى أو الفقر لإنسان ما فانه يختار له ما يصلحه ولكن الإنسان لا يعلم ذلك .
وما أجمل ما قاله ابن القيم رحمه الله (الرضا باب الله الأعظم ومستراح العابدين وجنة الدنيا من لم يدخله في الدنيا لم يتذوقه في الآخرة
والفرق بين الرضا والصبر: أن الصبر حبس النفس وكفها عن السخط - مع وجود الألم - وتمنى زوال ذلك، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع، والرضا: انشراح الصدر، وسعته بالقضاء، وترك زوال الألم - وإن وجد الإحساس بالألم - لكن الرضا يخففه بما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.
نجوم على طريق الرضا :
عروة بن الزبير فقد توفي ابنه وكانت وفاة غاية في الصعوبة إذ دهسته الخيل بأقدامها وقطعت قدم عروة في نفس يوم الوفاة فاحتار الناس على أي شيء يعزونه على فقد ابنه أم على قطع رجله؟
فدخلوا عليه فقال (اللهم لك الحمد أعطيتني أربعة أعضاء ..أخذت واحدا وتركت ثلاثة ..فلك الحمد وكان لي سبعة أبناء ..أخذت واحدا وأبقيت ستة ..فلك الحمد لك الحمد على ما أعطيت و لك الحمد على ما أخذت أشهدكم أني راض عن ربي .
فلنتدبر قول النبي (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي له الرضا ومن سخط فله السخط ).رواه الترمذي
يقول سبحانه في الحديث القدسي
((عبدي أنت تريد وأنا أريد ولا يكون إلا ما أريد فإذا رضيت عما أريد كفيتك ما تريد وإن لم ترض بما أريد أتعبتك فيما تريد ولا يكون إلا ما أريد)).
اللهم ارض عنا و ارضنا و ارزقنا الرضوان
وللرضا ثمرات يانعة لخصها أحد الصالحين في اثنتين وثلاثين ثمرة وهي :
1ـ إنه مفوض : والمفوض راض بكل ما اختاره له من فوّض إليه ولا سيما إذا علم كمال حكمته ورحمته ولطفه وحسن اختياره له .
2ـ إنه جازم بأنه لا تبديل لكلمات الله , ولا راد لحكمه , وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .
3ـ إنه عبدٌ محض , والعبد المحض لا يسخط جريان أحكام سيِّده المشفق البار الناصح المحسن .
4ـ إنه محب , والمحب الصادق , من رضي بما يعامله به حبيبه .
5ـ إنه جاهل بعواقب الأمور , وسيده أعلم بمصلحته وبما ينفعه .
6ـ إنه مسلم , والمسلم قد سلم نفسه لله , ولم يعترض عليه في جريان أحكامه عليه , ولم يسخط ذلك .
7ـ إنه عارف بربه , حسن الظن به لا يتهمه فيما يجريه عليه من أقضيته وأقداره .
8ـ إنه يعلم أن حظه من المقدور ما يتلقاه به من رضاء وسخط , فلابد له منه فإن رضي فله الرضا , وإن سخط فله السخط .
9ـ إنه يعلم أن رضاه عن ربه سبحانه وتعالي في جميع الحالات يثمر رضا ربه عنه .
10ـ إنه يعلم أن أعظم راحته , وسروره ونعيمه في الرضا عن ربه تعالي وتقدس في جميع الحالات , فإن الرضا باب الله الأعظم , ومستراح العارفين , وجنة الدنيا .
11ـ إن السخط باب الهم والغم والحزن , وشتات القلب , وكف البال , وسوء الحال .
يتبع..