بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين 00
عالم الكرسي ( العقل الكلي ) وأحاطته بالوجود
( وسع كرسيه السموات والارض )
الحقل الموحد في الفيزياء و العقل الكلي :
توصلت الفيزياء الحديثة إلى نظرية الحقل الموحد حيث يوجد حقل طاقي أو مجال أثيري ضخم يحيط بالعالم الذي نعيش فيه و هذا الحقل الطاقي يضم الحقول الطاقية الأخرى لجميع الكائنات التي تعيش ضمن عالمنا
و هذا الحقل أو المجال العملاق يملأ الوجود فهو يختزن كل المعلومات المتعلقة بالوجود و يحتوي ذاكرة عظيمة تختزن المعلومات و الأحداث و المواقف منذ انبثاق الوجود و التي سوف تحصل حتى نهاية الوجود
و بعد عدة أبحاث علمية توصل العلماء إلى النتيجة التالية :
أن هذه القوة الخفية أو الحقل الطاقي تعمل على إدارة الحياة فلا بد من أن تكون قوة عاقلة
أي أن هناك عقل عظيم يشكل الأساس النهائي للوجود و ينبثق منه كل الوجود و يدير كل الوجود و يعمل على إدارة الحياة بطريقة خلاقة مبدعة باتقان كبير و لهدف منطقي و مقصود
و بما أننا جزء من هذا الوجود فلا بد من أننا جزء من هذا الحقل الموحد فهو في داخلنا و من حولنا دائماً و في كل زمان و مكان
و هذا الحقل المعلوماتي العملاق يجمع بين الأشياء الجامدة و الحية التي هي عبارة عن حقول طاقة مختلفة
فالمادة هي حقول طاقة و التعبيرات و الأفكار و التجارب و المواقف و غيرها من أمور معنوية هي عبارة عن نبضات من الطاقة
فيكون التأثير عليها جميعا ًبهذه القوة العاقلة عن طريق الطاقة
و من صفات هذه الطاقة أنها :
لايمكن أن تدمر – قابلة للتحول أو التغير – عبارة عن ذبذبات أو اهتزازات – و هي دون شكل و دون زمان و دون أبعاد و لا نهائية و لا محدودة لأنها من مصدر ذو قوى لا محدودة و هو ( المطلق ) الله سبحانه و تعالى لذلك تأثيرها واضح على كل شيء
فنحن نعيش في فضاء روحاني متكامل مبني على أساس الانسجام الذي يقوى بالتفكير الإيجابي السليم لأن جميع مشاكلنا تحل على المستوى الروحاني أو النفسي و عندما يدرك الإنسان ذلك سيظهر لديه مباشرة وسيلة جبارة لتغيير محيطه فنحن وحدة متكاملة مع الفضاء و الرب
كما توصلت الأبحاث الحديثة إلى أن العقل هو الأصل لكل شيء و المادة مشتقة من العقل و إن الوعي الجوهري الموجود في الكون هو الذي يبني المادة و ليس العكس
إن عدم ادراكنا لهذا الكيان المعلوماتي لا يعني أنه غير موجود فتأثيره علينا يتم في مستوٍ آخر من الوعي ( اللاوعي )
و الإنسان العادي محجوب عن هذا المحيط المعلوماتي العظيم بسبب مستوى الوعي الذي هو فيه و لأنه يتمتع بالقدرة على توجيه انتباهه نحو شيء واحد محدد مما يسهل عليه عملية الإدراك ( امتلاكه عقل جزئي ) لكنه يستطيع التواصل مع هذا المحيط المعلوماتي بفضل عملية التأمل و التفكر و التركيز
لقد ابتعدنا عن هذا المجال العقلي الذي عرفه أسلافنا الأوائل و تعودنا عبر العصور على توجيه انتباهنا نحو الأمور الدنيوية الملموسة و نسينا مع مرور الوقت وجود عالم آخر يكمن وراء هذا العالم المادي المحيط بنا
العقل الكلي أو الذكاء الكوني
الذكاء الخلاق و حقل الوعي الصافي اللامحدود و هو سبب كل الأسباب
جاء في التعاليم الهندية إن كل شيء خلق بالعقل و يتواجد بفضله و في داخله )
إن الذكاء الكوني هو القوة الحياتية الشاملة هو طاقة العقل التي تخترق كل شيء هو العقل الأعلى ليس له بداية و لا نهاية - هو الحقائق الأبدية - هو جوهر مكتف ذاتياً - و وحدة متكاملة و هو الذي يؤثر بنا حسب استحقاقاتنا في الكارما لكننا نستطيع استخدامه أيضا و ذلك بتقنيات عديدة أهمها التأمل لنكون على صلة بحقل الوعي الصافي و الذكاء الكوني الخلاق
العقل الكلي أسمى مخلوقات الله في التوحيد :
أبدع الله سبحانه العقل الكلي ليكون علة و سبباً لجميع الموجودات و مدبراً لجميع المخلوقات
فهو النور الكلي و الجوهر الأزلي و العنصر الأولي و الأصل الجلي و الجنس العلي
فيه بدأت الأنوار و منه برزت العناصر و الجواهر و به تنوعت الأجناس
أسماؤه : الإرادة – علة العلل- السابق الحقيقي- الآمر- ذو معه
سُمي العقل : لأنه يعقل ما يأتيه من وحي الله تعالى و هو عقل الكون كله
و هو يعقل نفسه الشريفة عن كل ما لا يريده الله
سمي ذو معه: لأنه وعى التوحيد و القدرة من مولانا جل ذكره بلا واسطة و قلبه مع المولى لا يفارقه
و سمي السابق: لأنه سابق في الإبداع و سابق في المعرفة و سابق في التوحيد و سابق في الدرجة و سابق في العلم
و الطبائع الخمسة المفطورة في جوهر العقل الكلي :
حرارة العقل و قوة النور و برودة الحلم و سكون التواضع و ليونة الهيولى
خاتمة
لقد وصلنا إلى نقطة توحد فيها العلم و الدين :
فهذا الحقل الموحد أو الذكاء الكوني أو القوة الفعالة العاقلة في الفيزياء هي نفسها العقل الكلي في التوحيد
و المجال الطاقي الذي يحيط بنا و يدير حياتنا حسب استحقاقاتنا في الكارما هو أسمى مخلوقات الله العقل