قالت لي قريبتي: إنها كانت عند صديقة لها، ووالدتها التي تبلغ الخمسين تصرخ من الألم، وكانت مريضة، وعندما خفَّ الألم وبدأت الأم تسترد أنفاسها، قالت لبناتها الخمس: اتصلوا بسرعة بالكوافيرة؛ لأن جمال ـ وهو زوجها ـ سيأتي غدًا من السفر.
ومن الجميل والعجيب أيضًا أن هذه الأم تضع علبة كريم كبيرة لليد على باب المطبخ، فعندما تخرج من المطبخ تنشف يديها، وتضع الكريم، لتظل ناعمة وبرونقها.
وعندما سمعتُ هذه القصة ضحكتُ، وقلت: بالرغم من أن هذه المرأة قد بلغت الخمسين من عمرها؛ إلا أنها فعلاً أنثى حقيقية.
إنه يحتاج إلى أنوثتك:
إن الزوجة الناجحة التي تريد أن تمتلك قلب زوجها، وتحقق السعادة لنفسها ولشريك الحياة، هي التي لا تنسى أبدًا أنها أنثى، فبالرغم من مشاغل الحياة، وانغماس الزوجة في العديد من المهام، كتربية الأولاد، والاعتناء بهم، وتلبية طلبات الزوج، إلا أن حاجة الزوج إلى أن تكون زوجته أنثى حقيقية لا تقل مهما طال الزمن.
وستظل هي الحاجة الأولى في هرم احتياجاته، ولا تنسِي أن من أهم الأهداف التي كان يسعى لها زوجك؛ هو الحصول على امرأة تعفه وتشبع حاجاته العاطفية والجسدية.
" فكلمة امرأة عند معظم الرجال تعني الأنوثة، والأنوثة تعني بدورها الرقة والجاذبية والدلال، إن على كل امرأة أن تعنى بمظهرها الخارجي، وتسلك سلوك الأنثى، فتحرص على إبراز رقتها، وإظهار جاذبيتها، وتتحلى بدلالها.
مثل هذه المرأة تعطي الدليل على أنها تقدر أنها أنثى، وتبرهن على رغبتها المشروعة في أن تجذب وترضي زوجها، ولا يخفى على أحد ما لأنوثة المرأة ورقتها من تأثير على قلب الرجل، إذ يجعله يجد فيها النصف الآخر المكمِّل والمحلي لرجولته" [فن العلاقات الزوجية، محمد الخشت، بتصرف، ص(72-73)].
حبيبة أم ربة منزل؟
إن الكثير من الزوجات " يحاولن يوميًّا أن يخففن عن أزواجهن الكثير من الأعباء، ويرتبن وراءهم الأمور التي يتركونها كما هي، ويقفن للعمل لساعات طويلة في المطبخ، وهكذا.. وكأن الزوج قد تزوجها لتكون ربة منزل ممتازة، عليك أن تقرري أختي الزوجة إن كنتِ ترغبين في أن تكوني ربة منزل ممتازة، أو حبيبة لزوجك" [بلوغ النجاح في الحياة الزوجية، كلاوديا انكلمان، ص(331- 332)، بتصرف].
إن بعض النساء تؤدي مهمتها اليومية في العناية بالمنزل على أتم وجه، وقد تكون ممن يتميزن بصفات جيدة؛ كأن تكون طاهية جيدة، ونظيفة في بيتها، ولكنها في خضم هذه المهمات تبدأ في التقصير في حق نفسها، فتهمل العناية بشكلها، بحيث تقابل زوجها بشكل رتيب، " فعندما يعود من عمله تستقبله وقد ارتدت ثوب المنزل، ورائحة الطهي تفوح من ثيابها، فما أن ترد السلام حتى تهرول إلى المطبخ لإعداد الطعام، متناسية زينتها لزوجها، والظهور بمظهر حسن سائر اليوم" [ماذا وراء الأبواب، أم سفيان، ص(56-57)، بتصرف].
ونحن لا ننكر أهمية الطهي وإعداد الطعام، بل والتنويع فيه، والابتكار، ولكن لا يطغى الاهتمام بالطعام والمطبخ على اهتمام الزوجة بزينتها، فالزوج لا يحتاج إلى طاهية تنافس أشهر الطهاة في العالم، وإنما يحتاج إلى الزوجة الأنثى.
و"أنثى" في نظري تعني أربعة مفاهيم رئيسة، هي:
ـ الزوجة وهي التي تخدم زوجها.
ـ الصديقة وهي الأمينة على السر، ذات العقل الراجح، تمامًا كالسيدة أم سلمة - رضي الله عنها -.
ـ الحبيبة وهي التي تفيض بمشاعر الحب لزوجها، وتحتويه، وتحقق له الدفء العاطفي.
ـ العشيقة وهي المثيرة، التي تحقق له الإشباع الجسدي، والسكن النفسي في ذات الوقت.
وهذه المنظومة تحقق للزوج العفة والاستقرار والسعادة في بيته، وتجعله لا ينظر إلا إلى زوجته فقط.
حققي له العفة:
من هنا يتبادر إلى الذهن سؤال هام، وهو كيف تحقق المرأة العفة لزوجها؟ وإجابة على هذا السؤال؛ نجد أن العفة تتحقق للرجل في ثلاثة أشياء:
1ـ الجمال: ونقصد به هنا التجمل، وهو إبراز المحاسن وإخفاء العيوب، ونحن لا نتدخل في الخلقة التي خلقها الله للمرأة، ولكن في دور المرأة في تجميل شكلها، وهذا يكون في وضع الماكياج واختيار الألوان، واختيار الملابس والإكسسوارات، ووضع العطور.
وهناك حد أدنى من التزين والنظافة ينبغي على المرأة ألا تقل عنه، ومن لم تفعل ذلك تقع في إثمٍ شرعي؛ لأنها بتقصيرها هذا تزعزع من ثقة الأسرة، ولا ننسَ هنا أيضًا المظهر العام لكل وقت ولكل موقف، فإذا تجاهلت الزوجة المظهر الجميل، " فما مصير رصيد الحب في بنك الحب؟ بل ما الرسالة التي تصل للزوج من هذا السلوك؟ هل هي رسالة حب أم كره؟
إن هذا السلوك من الزوجة أشعة غضب حارة، حتى في الظل، ولن تُجدي معها أي ظلال حب، ويشعر الزوج دائمًا بالرغبة في الهروب، أو على الأقل الرغبة في عدم اللجوء إلى ظل هذا البيت، "وتنهار أرصدة الحب"، فيقل المدح من الزوج، ويقل الغزل للزوجة، فتستشعر البرود، ويزيد إهمالها في إبراز جاذبيتها، وهكذا يسير الأمر في دائرة حتى يصل الأمر إلى الانهيار" [المعروف حتى يعود الدفء العاطفي إلى بيوتنا، د. أكرم رضا، ص(205-206)].
2ـ الجاذبية: وتكون المرأة جذابة في حديثها، وفي ملابسها، وفي اختيارها للألوان والموديلات، وجاذبية المرأة تزيد من رصيد الحب في بنك الحب.
3ـ الأنوثة: ويتعلق الحديث عن الأنوثة بالجانب الجسدي أكثر، وإبراز ملامح الجمال في الجسد، وما يتعلق بأنوثتها وتحقيق الإشارة والمتعة الجسدية للزوج.
الجاذبية هي الأهم:
لا يلزم المرأة أن تكون أجمل امرأة في هذا العالم لتكون أنثى حقيقية، فهناك امرأة " متواضعة في جمالها، ولكنها تفيض أنوثة وجاذبية وثقة بالنفس، وامرأة أخرى توافرت لديها كل مقومات الجمال، ولكنها تفتقد أي جاذبية أو أنوثة، ذلك أن الأنوثة هي إحساس المرأة بذاتها من خلال الرجل، من خلال علاقة وعطاء، إنها إحساس بالقدرة على التواصل مع الطرف الآخر، إنها قبل ذلك وبعده، تقبُّل للدور الأنثوي، وأداء لهذا الدور عن اقتناع" [متاعب الزواج، د. عادل صادق، ص(89)، بتصرف يسير].
احذري:
وما لا تدركه كثير من الزوجات أن إهمال الزينة وحسن التبعل للزوج قد يؤدي به إلى أن يتزوج عليها، فتكون المرأة هي التي هدمت بيتها بنفسها، وقد رأيت ذلك بأمِّ عيني مع إحدى صديقاتي، والتي كان زوجها يعمل في إحدى الدول العربية بعد إحالته للتقاعد في بلده، وقد مر على زواجهما أكثر من 20 عامًا.
وعند عودته من إحدى السفريات حدث له حادث أليم ومات على إثره، وبعد الجنازة وتلقي العزاء، فوجئت صديقتي بفتاة في الثلاثينيات من عمرها تدخل عليها وبيدها طفل صغير، وتقول: إنها زوجة المتوفى من عامين، وأن هذا ولده.
بالطبع أصيبت صديقتي بصدمة كبيرة، ولم تصدق نفسها في بادئ الأمر، ولكنها تأكدت من صدق هذه الفتاة بعد ذلك، ثارت صديقتي واتهمته بالخيانة والخسة والنذالة، وأنه خان العشرة ولم يكن وفيًّا لسنين عمرها التي قضتها معه، ومعها في ذلك بعض الحق.
ولكن بعد أن هدأت الأمور، واستقرت الأوضاع قليلاً، أخذت صديقتي تفكر في السبب الذي دفع زوجها إلى أن يتزوج عليها بعد هذه العشرة الطويلة، وفي نقاش هادئ معها أخبرتني أنها بالفعل كانت مقصرة في حق زوجها في مسألة الزينة وحقوقه الجسدية في الأعوام الأخيرة، بسبب مرضها أحيانًا، وشعورها بتقدم العمر أحيانًا أخرى، ولم يكن زوجها كذلك، فهو رجل رياضي صحته كانت دومًا بخير حال.
أنا لا أقصد من كلامي هنا أن كل من تهمله زوجته قليلاً، عليه أن يبحث لها عن ضرة أو زوجة ثانية، كلا بالطبع، فهذه ليست من شيم الرجال النبلاء، ولكن خطابي للمرأة التي قد تفرط وتهمل في زينتها بأي حجة كانت، وهي تعتقد أن زوجها سيصبر عليها، وقد لا تعلم أنها تمس لديه حاجة بيولوجية أساسية يحتاج لإشباعها، وحين يفعل ذلك؛ صدقيني فلن يكون في نظر الكثيرين مخطئًا.
وأخيرًا:
" إن الحياة لا تطيب إلا بقرب زوجك، إنه الحبيب الموافي، وشقيق الروح الذي توحش النفس في غيابه، فاجتهدي في إحكام زينتك وتجميل نفسك إرضاء لعيونه وتفنني بنفس القدر من الاهتمام لإدخال السرور على قلبه، وتحري ما يرضيه، ومن خلال ما بينكما من حب التواصل وتواصل الحب" [حتى يبقى الحب، د. محمد محمد البدري، ص(233)].
ماذا بعد الكلام؟
1ـ هناك حد أدنى من الزينة والنظافة لا يمكن التنازل عنه؛ لأن أقل من ذلك تقع المرأة في الإثم الشرعي، فاحرصي عليه.
2ـ احرصي على الزينة وتجميل نفسك؛ إرضاء لعين زوجك، فبقليل من الاهتمام تدخلين السرور على قلبه.
3ـ كوني لزوجك الزوجة والحبيبة والصديقة والعشيقة.
4ـ تذكري كيف يكون تحقيق العفة للزوج، وذلك بحرصك على ثلاثة أشياء؛ الجمال والجاذبية والأنوثة، كل ذلك لتنالي رضا الله ورضا الزوج، وتحققي العفة والسعادة والاستقرار للأسرة ولزوجك.
ـــــــــــــــــــــ