أولها: إعجاز القرآن، وهذه معجزة معنا إلى اليوم، قال الله عز وجل قبل خمسة عشر قرناً: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).
ولكن وقف خطباء العرب وفصحاء العرب، فما استطاعوا أن يأتوا بمثله حتى ذهب عتبة بن ربيعة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو كافر، والرسول -صلى الله عليه وسلم- عند المقام في الحرم يدعو إلى الله، فلما وصل عتبة جلس عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد!! إن تريد زوجة زوجناك أجمل فتاة في قريش، وإن تريد ملكاً ملكناك، وإن تريد مالاً أعطيناك، ولكن اترك هذه الكلمة، أي اترك لا إله إلا الله؛ لأن لا إله إلا الله تقلب رؤوسهم لأنها منهج حياة، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: انتهيت يا أبا الوليد؟ (من عروضك ومحاضرتك وصفقاتك وكذباتك) انتهيت؟، قال: انتهيت، قال: اسمع أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم تلا سورة فصلت، وعتبة يعرف القرآن، فلما بلغ قوله سبحانه وتعالى: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) فوضع عتبة يده على فم الرسول وقال: أسألك بالله والرحم، وقام وهو يرتعد، وذهب إلى قريش ووجهه قد تغير، فقالوا: عدت بوجه غير الذي ذهبت به، فأقسم وحلف بآلهته إنه -أي: القرآن- لمغدق، وإن أعلاه لمورق، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه يعلو ولا يعلى عليه، ثم أقسم أنه سمع الشعر والكهانة والسحر فما سمع بمثل القرآن(1).
ثانياً: أن الناس جميعاً في خسر إلا من تأهل بمؤهلات أو تشرف بصفات، وهذه الصفات هي: الإيمان، والعمل الصالح، والدعوة، والصبر.
ثالثاً: أن العمل يدخل مع الإيمان ولا يخرج عنه، بل هو جزء لا يتجزأ منه، وركن أساسي في الإيمان.
رابعاً: أن المؤمن يدخل الجنة برحمة الله، وينزل الجنة في منازلها ودرجاتها بالعمل الصالح (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، فنزلوا في درجاتها بالأعمال، وأما الدخول فبرحمة الله -عز وجل-.
خامساً: أن الحق أحق أن يتبع، وهو ما أتى في الكتاب والسنة، وما سواه فباطل.
سادساً: أن على المسلم أن يتقيد بالدليل؛ لأن الحق دليل، والدليل حق، وهو البرهان الواضح.
سابعاً: أنك لن تنال خيراً من خير الدنيا ولا خير الآخرة إلا بالصبر، وأن الصبر أمر عظيم (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)، فالصبر مدرسة
م/ن