العدد اث[CENTER][FONT="Fixedsys"][SIZE="5"][COLOR="DarkOrchid
[B]"]نان
في اللغة العربية القديمة ولهجاتها
اثنان – اثنتان
في الجبالية (ث رُ ه) (ثُ رُ ت) وفي المهرية (ث رْ ه) (ثْ ر ت) ، في السبئية (ث ن ي) (ث ت ي) ، وهناك احتمال أن (ث ن ي) السبئية تطورت عن (ث ر ه) وذلك بعد أن قلبت الراء التي في (ث ر ه) إلى نون فأصبحت (ث ن ه) . وفي تطورات الطور السبئي حلت الياء محل الهاء وكأن هناك اتجاها أو مسارا تندفع من خلاله العربية لتصل إلى صورتها الحالية ، ومن ثم أضيفت الألف إلى بداية الكلمة (ء ث ن ي) ومن ثم أضيفت نون إلى العدد ليأخذ شكله النهائي (اثنان) أو (اثنين) .
تعريف للعدد اثنين
يظهر لنا بأنه قبل استعمال (اثنان) بمعناها المجرد كانوا يستعملون لفظا أو ألفاظا أخرى حسية ملموسة تدل على فكرة اثنين كما استعملوا (رأس) و(أوّل) للتعبير عن الواحد .
وهي ألفاظ ذات معان حسية مأخوذة عن الجسم . وألفاظ الاثنين مأخوذة عن أعضاء الجسد أيضا . فقد قالوا (آخر) و(الآخر) بمعنى الثاني . واللفظ مأخوذ من جذر ساميّ مشترك يفيد المؤخّرة والقفا على أساس أن الوجه هو الأوّل ، والظّهر ضدّه فهو الآخر . وقالوا : (قرن) وقرين ، وقالوا (العقب) والقفية وأمثال هذه الألفاظ . وجميعها تدلّ على فكرة الثنائية . ومن هذا القبيل (كلا) و(كلان) وفي العبريّة Kelayin لفظ مثنى يدل على اثنين .
امّا لفظ (اثنين) فهو ساميّ مشترك باستثناء الآراميّة والسريانيّة فهو Trin . ولفظ (ترين) لا يزال حيّا شائعا في لهجة لبنان العاميّة ويستعملونها بمعنى الرفيق والشريك في اللعب . فكانوا يسألون ، إذا كانت اللعبة تتطلب أن يكون اللاعبون اثنين اثنين . (مين تريني ؟) أي من هو رفيقي وشريكي أو ثانيّ . ويظنّ أن حرف الراء في Trin (ترين) حرف زائد أقحم لفك الإدغام : ثن . ودليلنا على ذلك أن العدد الوصفي في السريانية هو Tinyana لا تريانا . وأهم من هذا كون الجذر (ثن) أو (شن) كما هو في العبرية ، ساميّا مشتركا . وأصل المادة ، أي المعنى الأصليّ ، الطيّ والليّ (مصدر طوى ولوى) والتضعيف . ومن فكرة الطّيّ والليّ والتضعيف أخذوا فكرة التثنية . طيّ الورقة أو القطعة يعني جعلها اثنين . وثنى تعني طوى ولوى وضاعف . ولفظ (اثنان) مثنّى فكأنه مثنّى (إثن) أو (ثن) (الهمزة غير أصلية ولذلك تسقط) ويقابل هذا كونه في العبرية أيضا بلفظ المثنى : Shenayin . ويجب ان نذكر بهذه المناسبة أن جذر (ثنى) هو غير الجذر الذي يشتقّ منه لفظ السّنة . السّنة مشتقّ من جذر يفيد التغيّر والتحوّل فكأن السنة عندهم تعاقب للفصول . في العبرية Shana = سنة ومأخوذة عن فعل معناه تغيّر وتبدّل .
بقي أن نشير إلى أن (الاثنين) اسمان قرينان لا يفردان ، لا يقال لأحدهما (إثن) ، كما أن (الثلاثة) أسماء مقترنة لا تفرق ، وهمزتها همزة وصل . أما (الإثنان) الذي هو اسم اليوم الثاني من الأسبوع ، فهمزته همزة قطع .
العدد اثنان مع الديانات والشعوب
العدد اثنان عند المسلمين
الأمثلة لذلك كثيرة جدّا ، ولكن سنكتفي بذكر اليسير منها :-
حكي عن محمد بن جعفر أنه قال : كنت مع الخليفة في زورق ، فقال الخليفة أنا واحد ، وربّي واحد ، فقلت له : اسكت يا أمير المؤمنين ، لو قلت ما قلت مرّة أخرى لنغرقنّ جميعا . قال : لم ؟ قلت : لأنك لست بواحد ، إنما أنت اثنان : الروح والجسد ، من اثنين الأب والأم ، في اثنين الليل والنهار ، باثنين الطعام والشراب ، مع اثنين الفقر والعجز . والواحد هو الله الذي لا إله إلا هو .
ليس شيء أحبّ إلى الله تعالى من قطرتين وأثرين : قطرة دموع من خشية الله ، وقطرة من دم يهراق في سبيل الله ، وأما الأثران : فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله) . الترمذي والضياء عن أبي أمامة (الجامع الصغير) .
روي أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : إني أصوم شهر رمضان ، وأصلي كل يوم خمس صلوات ولا أزيد على هذا ، لأني فقير ليس عليّ زكاة ولا حج ، فإذا قامت القيامة ففي أي دار أكون أنا ؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إذا حفظت عينيك عن اثنين : عن النّظر إلى المحرمات ، والنّظر إلى الخلق بعين الاحتقار ، وحفظت قلبك عن اثنتين : عن الغل والحسد ، وحفظت لسانك عن اثنتين : عن الكذب والغيبة تكون معي في الجنّة) . (روح البيان) آخر سورة آل عمران .
شيئان شينان في الإسلام : الشّفاعة في الحدود ، والرّشوة في الأحكام .(من بلاغات الزمخشري) .