أطفالنا والإهمال العاطفي
* سلوى الخطيب
من المسائل الهامة جدّاً وجود الطفل بين والديه حتى يمكنه أن ينمو ويترعرع ويتطور نموه النفسي والجسدي.
إنّ وجود الأبوين بجانب طفلهما من الأمور التي لا يمكن الإستغناء عنها مطلقاً، وأن ترك أحدهما الأولاد يعيشون فترة غيابه مترقبين أمر خطير، وقد يؤدي إلى نتائج وخيمة جدّاً.
وكذلك وجود الآباء مع أبنائهم الا انّهم يعيشون بعيدين عنهم عاطفياً لظروف الحياة ومتطلباتها، انّ مثل هذه الأسر تكون مفككة. يتابعها شبح الضياع والإهمال العاطفي، وهذا التعبير قديم قدم التكوين الأسري للإنسان، وينجم عن هذا أفعال وسلوكيات كلا الوالدين، وتتسبب في أذى نفسي للطفل.
ويتحدد الإهمال العاطفي من أمور شتى:
أوّلها: النبذ والرفض وعدم القدرة على التعامل مع الطفل كإنسان له مطالب وإحتياجات.
ثانيها: عزل الطفل بمعنى منعه من إقامة علاقات تحت دعوى الحرص والخوف عليه من رفاق السوء، مما يعطي الطفل إحساساً قاسياً بالعزلة وسط العالم الرحيب.
ثالثاً: تخويف الطفل بخلق جو من الفزع والرعب والكلمات الحادة.
رابعاً: التجاهل، وذلك عندما يتجاهل الأب أو الأُم ابنهما من كل المثيرات والمنبهات والإستجابات الإجتماعية اللازمة، مما يعطل نموه الإجتماعي والعاطفي والذهني.
خامساً: إفساد عقل الطفل عن طريق تقديمه لأوساط غير سوية يمكن أن تقوده بسهولة إلى عالم الجريمة و....و......عن قصد أو غير قصد، وبفهمنا لهذه العوامل نستطيع وضع أيدينا على الجروح الغائرة قبل أن تستفحل، فنراها رأي العين مدركين ابعاد سلوكياتنا بفهم ووضوح لا غنى عنهما، فالطفل الذي يتعرض للرفض والعزل والتخويف والتجاهل والإفساد يكون مهيئاً لكل العوامل السلبية في مجتمع تزداد وحشيته وغربته مع إزدياد تطوره وماديته.
فنجد انّ حياة الطفل تصبح دوامة من الإضطراب والعنف والجهامة التي لا تتناهى، فإذا نظرنا إلى العامل الأوّل – النبذ والرفض – لوجدنا انّ الأب الغائب يحسب على انّه رافض، رغم تمويله للعائلة، والغائب الحاضر وغير القادر على مشاركة طفله همومه هو أيضاً رافض، والأُم التي لم تحسب حساب حملها لعدم دقة إستخدامها لموانع الحمل أو لرفضها للفكرة قد تجد نفسها رافضة للطفل القادم قبل مجيئه، مما ينعكس بجلاء ووضوح على طريقة تربيتها له.
إنّ الأمور قد تتطور إلى العقاب الجسدي مع الإهمال العاطفي مما يغلق الباب أمام إمكانات التفتح والإزدهار لدى الطفل، وما يغيب عنا في معظم الأحوال هو انّ للإهمال العاطفي آثاراً جسدية بيولوجية كبيرة اثبتتها البحوث العلمية الأخيرة أهمّها عدم القدرة على النمو الجسدي دون أي سبب عضوي، حالة يطلق عليها العلماء قزمية الحرمان.
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
مقبول