أختي الفاضلة قبل البدء في التحدث معا عن دور المسلمة في بيتها مع أسرتها نقرأ معا هذا الحديث:
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)) (رواه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع 660).
ألست معي بأن حسن التبعل جهاد شاقٌّ يساوي الكثير جدا من أعمال الرجال يتطلب معاملة خاصة للزوج ولأهله ولأقربائه ولمعارفه؟ وهل فتح كل أبواب الجنة أمام الزوجة الصالحة لتختار منها ما تشاء يكون بأمور هينة أم تحتاج إلى جهاد متواصل؟
والآن لننطلق معا في الاحتساب مع أسرنا من خلال الأزواج.
من هو الزوج في حياتك؟
إنه إنسان لا تعرفينه غالباً، ورضيت بالاقتران به واخترته دون غيره لتعيشي معه ما شاء الله لك أن تعيشي.
إنه إنسان تحلمين بأن تنجبي منه أولادًا يملؤون حياتك بفطرة الأمومة.
إنه إنسان ستعطينه قلبا وجسدا وعمرا وعافية.
إنه إنسان ستبنين معه أسرة جديدة تتمنين أن تكون مثالا للأسرة المسلمة.
إنه إنسان قد يظلمك ويعين الشيطان عليك أحيانا.
إنه إنسان يكون حينا في صورة رجل قوي وحينا في صورة طفل وديع.
إنه إنسان له حق القوامة الشرعية لا القوامة المبنية على هوى البشر.
إذن أنت في احتسابك معه لا تعتقدي أن الأمر هين، بل يحتاج إلى جهاد كما وضحت لك من بداية اللقاء.
الإضاءة الأولى:
1- تجديد الإخلاص وتنقيته من أدران الدنيا وحظوظ النفس وهذا جهاد شاق ويحتاج إلى متابعة مستمرة للقلب.
2- الدعاء في جوف الليل بتحري ساعات الإجابة بأن يلهمك الله رشدك، ويقيك شر نفسك، وأن يؤتيك من لدنه رحمة، ويهيئ لكِ من أمرك رشدا، ويرزقك الثبات واحتساب الأجر منه.
3- المحاولات المستمرة بتجديد علمك الشرعي من مظانه الموثوقة.
4- إن تيسر لك فاحرصي على حضور دورات شرعية مؤصلة في وسائل الاتصال الفعالة وتطوير ذاتك بما يرضي الله - تعالى - والعلاقات الزوجية.
5- الصحبة الصادقة الصالحة التقية التي تشد من أزرك إذا وسوست شياطين الإنس والجن، وتعينك بحسن الاستشارة وصادق الدعاء بظهر الغيب.
الإضاءة الثانية:
1- كوني على يقين بأن الرجل لا يفضل أن يكون دائما هو التلميذ وأنت الأستاذة، فتذكري دائما كيف تحولين نفسك من شيخة أو موجهة إلى تلميذ تطرح سؤالا عليه يخصه هو بطريقة غير مباشرة ليتعرف على الإجابة عن طريقك وأيضا بطريقة غير مباشرة.
2- تفنني في وسائل عرض ما تريدين على زوجك من خلال وضع شريط في سيارته أو مطوية على السرير كأنك ستقرئينها، أو إطار جميل تكتبين عليه عبارة تؤدي الغرض، أو رسالة حب تحمل دعواتك الصادقة في عبارات آسرة، وتذكري قول الرسول - صلى الله عليه وسلم – ((إن من البيان لسحرا)).
3- استعيني بغيرك أحيانا ليعينك على ما سبق من خلال أناس يحبهم زوجك ويثق بنصائحهم.
4- تجنبي أوقات غضبه وجوعه ونومه؛ فإنها من أشد الساعات حضورا للشيطان ومداخله.
5- اختاري أوقات الصفاء التي لا يعرفها أحد غيرك.
6- إن أمكن رتبي معه حضور درس أسبوعي أو شهري بالتنسيق مع أهلك أو أهله للمحافظة على أولادكما وقت غيابكم.
7- ثقي بأن قيامك بواجباتك كاملة له ولأولادكما ولأهله هو خير سبيل في احتساب الأجر، فلا تكوني كبعض النساء اللاتي يعتبرن القيام بمهام المنزل وظيفة الخادمات -وإن لم توجد خادمات- فتؤديها على أسوأ وجه.
الإضاءة الثالثة:
1- الدعاء المستمر للزوج بالهداية لكل ما يحبه الله ويرضاه وسيأتيك أثر الدعاء أنت أيضاً كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه بظهر الغيب عند رأسه ملك موكل به كلما دعا لأخيه بخير قال الملك: آمين، ولك بمثل ذلك)) رواه مسلم وأحمد وابن ماجه.
2- تأملي الأمر الذي تودين نصيحة زوجك حوله هل هو من الخلاف القائم على أدلة صحيحة؟ إذن لا تفتحيه معه فالأمر فيه سعة وكلاكما على حق.
3- عليك بالرفق فهو كما قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله عنها: ((عليك بالرفق إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)).
4- عليك بحسن الخلق فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلها)) حسنه الألباني في صحيح الجامع.
5- عليك بالأدعية الجامعة تعلمينها نفسك وزوجك، ومنها هذا الدعاء الذي أوصى به الحبيب - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها -: ((عليك بِـجـُمـَل الدعاء وجوامعه قولي: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك مما سألك به محمد - صلى الله عليه وسلم - وأعوذ بك مما تعوذ به محمد - صلى الله عليه وسلم - وما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته رشدا) (رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني في صحيح الجامع 4047).
وأختم معك بأن أقول لك بصدق أخوي: لتعلمي أنك قد تفشلين أحيانا، وقد تتعبين، وقد تقررين في لحظة غضب أو حزن التوقف، فأقول لك: تذكري الجنة وأبوابها الثمانية، ولا تقرري التوقف نهائيا، إلا بعد طول صبر ومجاهدة، وحسن استشارة، وتوكل بعد الاستخارة، والله سيعوضك كل خير والحياة لا تقف، والجنة مشرعة أمامك، ورددي (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62)
م/ن