بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(95) مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاق وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(96)مَنْ عَمِلَ صـلِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(97)
لقد ذكر المفسّرون في معنى الحياة الطيبة تفاسير عديدة:
فبعض فسرها بـ : الرّزق الحلال.
وبعض بـ : القناعة والرضا بالنصيب.
وبعض بـ : الرزق اليومي.
وبعض بـ : العبادة مع الرزق الحلال.
وبعض بـ : التوفيق لطاعة أوامر اللّه...وما شابه ذلك.
ولعله لا حاجة بنا للتذكير بأن مفهوم الحياة الطيبة من السعة بحيث يشمل كل ما ذكروه وغيره، فالحياة الطيبة بجميع جهاتها، وخالية من التلوثات والظلم والخيانة والعداوة والذل وكل ألوان الآلام والهموم، وفيها ما يجعل حياة الإِنسان صافية كماء زلال.
وبملاحظة تعبير الآية عن الجزاء الإِلهي وفق أحسن الأعمال، ليفهم من ذلك أنّ الحياة الطيبة ترتبط بعالم الدنيا بينما يرتبط الجزاء بالأحسن بعالم الآخرة.
وعندما سئل أمير المؤمنين(عليه السلام) عن قوله تعالى: (فلنحيينّة حياة طيبة)، قال: «هي القناعة»(1).
ولا شك أنّ هذا التّفسير لا يعني حصر معنى الحياة الطيبة بالقناعة، بل هو بيان لأحد مصاديقها الواضحة جدّاً، حيث أنّ الإِنسان لو أعطيت له الدنيا بكاملها وسلبت منه روح القناعة فإِنه ـ والحال هذه ـ سيعيش دائماً في عذاب وألم وحسرة، وبعكس ذلك، فإِذا امتلك الإِنسان القناعة وترك الحرص والطمع، فإِنّه سيعيش مطمئناً راضياً على الدوام.
وقد ورد في روايات أُخرى تفسير الحياة الطيبة بمعنى الرضا بقسم اللّه، وهذا المعنى قريب الأُفق مع القناعة.
وينبغي أنْ لا نعطي لهذه المفاهيم صفة تخديرية أبداً، وإِنّما الهدف الواقعي من بيان الرضا والقناعة هو القضاء على الحرص والطمع واتباع الهوى في نفس الإِنسان، التي تعتبر من العوامل المؤثرة في إِيجاد الإِعتداءات والإِستغلال والحروب وإِراقة الدماء، والمسببة للذل والأسر.