وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً
لمحة تاريخية في التنويم الإيحائي
في سنة 1860 بدأ بييرجانيت والفريد بينت و تشارلز فيري باستخدام ظاهرة التنويم , وحققوا نتائج مميزة بذلك الوقت عندما تمكنوا من جعل يد احد العملاء وكأنها تعاني من مشكلة ما ومن ثم يقوموا بإلغاء هذه المشكلة !
وهذه التجارب كان لها الأثر الكبير في استخدام التنويم للعلاج والتشافي اعتمادا على مبدأ أن العقل الباطن هو من يدير الجسد فان بإمكان هذا العقل أن يقوم بمعالجة المشاكل الجسدية لو أمكن التعامل معه .
كذلك يوجد العديد من الأدلة التاريخية على استخدام التنويم في العلاج في الحضارة الهندية وكذلك في الحضارة الفرعونية .
في سنة 1500 ميلادية كان العالم والطبيب السويسري Paracelsus, مكتشف علاج مرض الزهري هو أول من استخدم المغناطيس للعلاج , فكان يمرر عصا مغناطيسية على جسد المريض لعلاجه و الغريب في الأمر هو شفاء المرضى من العديد من الأمراض!!
وفي سنة 1600 ميلادية استطاع رجل ايرلندي
يدعى Valentine Greatrakes أن يشفي العديد من المرضى من خلال المسح عليهم بيده وتمرير العصا المغناطيسية وقد أطلقوا عليه لقب 'the Great Irish Striker العظيم !!
في سنة 1725 ميلادية أيضا استخدم قسيس
يدعى Maximilian Hehl العصا المغناطيسية لعلاج المرضى بالتنويم ولم يكن الكثير يعلمون عن هذا القس لولا أن أحد طلبته وهو طبيب نمساوي اسمه مزمر أخذ عصا مغناطيسية مماثلة إلى فيينا وبدأ يمارس التنويم والعلاج عن طريق هذه العصا فكان عندما ينتهي من جراحة المريض يمرر العصا المغناطيسية على الجرح فيتوقف النزيف.
وفي أحد الأيام كان المريض لدى مزمر ينزف دما فأراد أن يمرر العصا المغناطيسية فلم يجدها فأخذ عصا خشبية ومررها على جرح المريض فكانت المفاجأة أن الدم توقف !!!
وتفسير ذلك في زمننا هذا عن موضوع العصا المغناطيسية أو الخشبية إنها كانت مجرد إيحاءات تؤدي إلى تنويم المريض ومن ثم توقف النزيف .
بعد نجاح مزمر باستخدام العصا الخشبية استنتج أن الطاقة المغناطيسية ناتجة من المريض نفسه وليس من العصا !!
ورغم بساطة الاستنتاج إلا أن هذا التفسير يعتبر شرارة انطلاق لجدل واسع حول هذا الأمر .
وبعد ارتفاع حدة الجدل في فيينا حول مزمر غادر إلى باريس وحصل هناك على دعم الطبقة الارستقراطية وحقق نجاحا باهرا باستخدام العصا المغناطيسية , إلى أن بدأت الحرب عليه من جمعية الأطباء الفرنسية .
ورغم أنه طبيب ورغم النجاح الكبير الذي حققه مع عصاه المغناطيسية إلا أن الجمعية الطبية الفرنسية اتهمته بالنصب والاحتيال .
وطالب بلجنة تحقيق وبعد التحقيق اتهمته اللجنة بالنصب فغادر باريس عائدا إلى فيينا , واستمر بممارسة الطب والتنويم المغناطيسي ( كما سمي بذلك الوقت) .
واستمرت فكرة أن الطاقة تنتقل من جسد المريض وتعاقب العديد من الأطباء و الممارسين للطريقة المزمرية حتى جاء أحد الأطباء الفرنسيين ويدعى Marquis de Pusseguyr الذي استخدم ولأول مرة اصطلاح somnambulist وقصد به المشي نائما . وهذا المصطلح somnambulist لا زال مستخدما حتى الآن ولكن بمعنى الاسترخاء العميق .
كذلك مارس الدكتور Dr. Elliottson الطريقة المزمرية بكلية لندن وكاد أن يطرد من جمعية الأطباء .
وفي سنة 1840 أجرى جراح انجليزي هو James Braid دراسة واستنتج بأن ما يتم في الطريقة المزمرية هو عملية تنويم من خلال تثبيت نظر المريض وليس له علاقة بانتقال الطاقة من أو إلى جسد المريض.
وكتب أول كتاب عن التنويم سنة 1843 بعنوان Neurypnology. أوضح من خلاله أن عملية تثبيت نظر العميل أو تثبيت فكر العميل يؤدي إلى دخوله مرحلة الاسترخاء العميق ( التنويم ) .
وفي نفس الفترة ألف طبيب هندي يدعى James Esdaile كتابا باسم Mesmerism. يقول فيه أن الطريقة المزمرية تؤدي إلى التخلص من الألم واستخدمها في 500 عملية جراحية كمخدر حققت معه نجاحا باهرا
وأيضا كاد أن يطرد من الجمعية الطبية البريطانية نتيجة لآرائه واستخدامه للطريقة المزمرية.
علما بأنه تم اكتشاف المخدر في هذا الوقت وهو أحد الأسباب التي أدت لمحاربة هذه الطريقة وتوقفها.
وفي سنة 1864 أرسل أحد الأطباء مريضا بعرق النسا إلى الطبيب الفرنسي Liebault, و قد شفي المريض من علاجه بالتنويم ,وبناء على ذلك أسس الطبيبان Nancy School of Hypnosis مدرسة نانسي للتنويم .
ودرس Sigmund Freud في هذه المدرسة التنويم ثم اخترع فرويد
طريقة ( العلاج بالكلام )
في سنة 1890 ألف William James كتابا بعنوان مبادئ علم النفس وهو من أهم الكتب التي يحتاجها ممارس التنويم أو البرمجة اللغوية العصبية .
ثم بدأ الاهتمام يزيد بموضوع التنويم والفت العديد من الكتب منها
The Psychology of Suggestion
History of Hypnosis
وفي سنة 1943 ألف الدكتور كلارك هول كتابا مهما أسماه
" التنويم والإيحاءات" وكان الدكتور ميلتون اريكسون ممن تأثر بكتابات كلارك هول .
وقد مارس ميلتون اريكسون التنويم يوميا منذ 1920 إلى 1980 وكان يستقبل لغاية 14 عميل يوميا ولمدة 60 سنة !!
جورج استبرق أيضا هو أحد أهم المؤلفين بهذا العلم.
وبينما كان ميلتون أريكسون يستخدم الأسلوب الغير مباشر بالتنويم فان جورج استبرق يستخدم الأسلوب المباشر في التنويم .
وكلا الأسلوبين يمكن استخدامهم , وقد يصلح الأسلوب المباشر مع البعض بينما يصلح الأسلوب الغير مباشر مع البعض الاخر .
في سنة 1957 ألف دكتور آخر هو اندريه كتابا بعنوان
"تقنيات عامة في التنويم " وهو أحد أهم كتب التنويم .
كذلك من أهم الأشخاص في التنويم هو ديف المان وقد أوجد أحد أهم الطرق المستخدمة في التنويم وبشكل مختلف عن اريكسون واستبرق .
ما سبق هو فكرة عامة عن تاريخ التنويم الإيحائي وبداياته وهو الآن يعد من أفضل الطرق المستخدمة للعلاج النفسي وكذلك علاج بعض الأمراض وللتخلص من الآلام .
منقول