بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا يفعل من يحس بضعف الإيمان
الواجب على أي مسلم عندما يعتريه الفتور، ويحس بنقص
إيمانه,أن يبادر فوراً إلى علاج هذا المرض، فلا شك أن
ضعف الإيمان مرض خطير، وكما يعلم الجميع أن المرض إذا عولج في بدايته يتم الشفاء منه بإذنه تعالى، أما إذا استفحل
وطال زمنه,فإن علاجه يصعب، وتقل فرص الشفاء منه,والإنسان مهما كانت قوة إيمانه فإنه معرض لهذا الأمر
بفعل عوامل كثيرة من الشبهات والشهوات ومن شياطين الجن وشيطان الأنس,والإنسان الفطن الموفق هو الذي يتعهد إيمانه
وما نقص منه، ويحرص على إصلاح ما فسد وصيانة ما عطب أشد مما يحرص على صيانة سيارته عندما يقع فيها
التلف, فإنه يبادر فوراً إلى إصلاحها عند المختص، وهي من أمور الدنيا الزائلة,لذلك ينبغي أن تكون مبادرته لإصلاح قلبه
أعظم من ذلك كما كان يفعل السلف الصالح من الصحابة والتابعين,رضوان الله عليهم,حيث كانوا دائمي التفقد لأيمانهم
ورعاية خواطر قلوبهم,يقول الصحابي الجليل أبو الدرداء,رضي الله عنه,من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص
منه، ومن فقه الرجل أن يعلم أيزداد الإيمان، ومن فقه الرجل أن يعلم نزغات الشيطان أنى تأتيه,وقد كان الصحابي عبدالله
بن رواحه,رضي الله عنه,يأخذ بيد الرجل فيقول,قم بنا نؤمن ساعة، فنجلس في مجلس ذكر,ومن خلال هذه النصوص
نعرف مدى حرص الصحابة على رعاية إيمانهم وحفظه، وتطهيره مما قد يصيبه من نزغات الشيطان، وإزالة ما قد
يعلق به من صدأ الغفلة والانشغال بأمور الدنيا، فقد قال الرسول,صلى الله عليه وسلم,أن القلوب لتصدأ كما يصدأ
الحديد، قيل,وما جلاؤها يا رسول الله، قال,ذكر الله وقراءة القرآن,رواه البيهقي في شعب الإيمان,يجب على المسلم أن
يتعاهد إيمانه دائماً ويحرص على زيادته ونمائه في كل الأحوال أعظم من اهتمامه بزيادة أمواله وتحسين أوضاعه في
هذه الدنيا الفانية، فالسعيد,والله ,من وفق لذلك، فإنه قد حاز خير الدنيا والآخرة,حاز خير الدنيا بالطمأنينة والسعادة
والراحة النفسية التي تعتبر هبة من الله لأهل الإيمان الصادق,
وحاز خير الآخرة برضى الله,سبحانه وتعالى,والفوز بالجنة
والنجاة من النار,وتعاهد الإيمان,يعني رعايته، وتوجيهه إلى المواطن التي ينمو فيها ويزكو بحيث يؤتي ثماره
الطاهرة,فتعود على النفس بالسعادة والصفاء وراحة البال,وصيانته عن مواطن الرذيلة والغفلة التي تضعفه
وتدنسه,وهذا التعاهد، وهذه المراقبة للإيمان يجب أن تستمر مع الإنسان طوال حياته، فليس هناك شيء أغلى من الدين،
وليس في الوجود أمر أهم من الإيمان الذي يربط صاحبه بخالقه، ولذا فعندما يحس الإنسان بشيء يخدش إيمانه من فتور
أو وساوس أو شكوك,فينبغي له أن يسارع إلى علاج ذلك، ويستخدم كل مايزيل عن إيمانه الصدأ فيعود براقاً نظيفاً
فاعلاً,ولا شك أن إدراك خطورة ضعف الإيمان أهم عناصر العلاج، فهناك أناس يعانون من قسوة القلب وضعف الإيمان
ولكنهم غير مهتمين بالأمر، بل لا يفكرون فيه أصلاً، لأنهم غارقون في الانشغال بأمور الدنيا، وجمع حطامها الزائل,هذا
واقعنا للأسف، اهتمام عظيم بأمور الدنيا وإهمال شديد لشئون الآخرة، تجد الشخص منا لو أصيب بمرض في بدنه لأقام
الدنيا وأقعدها، أما مرض إيمانه فلا يدري عنه، ولا يهتم به،إلا القليل النادر، فكم من إنسان يشكو من قسوة قلبه,وكم من إنسان
يشكو من وساوس وشكوك تعرض له,ولكن القليل إن لم يكن النادر من يفكر في الأمر بجد,ويبحث عن حل المشكله, لأن
الجميع غارق في التعلق بهذه الدنيا، وجمع هذا الحطام الزائل والتنافس فيه بشكل عجيب، فلا ينتهي المرء من مشروع إلا
ودخل في غيره، كأن الناس تعيش مخلدة في هذه الدنيا,لا موت، لا جنة، لا نار,
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين،وأن يهدينا ويهديهم,سواء السبيل.