الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الإطعام في الكفارة الواجبة هو تمليك المسكين الطعام، ومقدار الإطعام هو مد لكل مسكين - وقدره 750 جرامًا تقريبًا - من غالب قوت البلد، وقيل: نصف صاع لكل مسكين - وهو كيلو ونصف تقريبًا -، وهذا القول أحوط، وإذا ملك المكفر المسكين الطعام، فلا يعنيه بعد ذلك تغدى به المسكين، أم تعشى، أم صنع به ما شاء.
فعليك أن تعطي كل مسكين القدر الواجب من الإطعام، ولا علاقة لك بما سيصنعه المسكين بهذا الطعام، سواء أكله، أم أهداه، أم باعه، أم صنع به ما شاء.
وأما ما أوجب فيه بعض العلماء الجمع بين الغداء والعشاء فهو إطعام الإباحة - كمن يصنع طعامًا، ويدعو إليه المساكين ليأكلوا منه - وليس إطعام التمليك، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: التمليك هو إعطاء المقدار الواجب في الإطعام؛ ليتصرف فيه المستحق تصرف الملاك، والإباحة هي تمكين المستحق من تناول الطعام المخرج في الكفارة، كأن يغديهم ويعشيهم، أو يغديهم غداءين، أو يعشيهم عشاءين، وقد أجاز الحنفية والمالكية التمليك والإباحة في الإطعام، وهو رواية عن أحمد، وأجاز الحنفية منفردين الجمع بينها؛ لأنه جمع بين جائزين، والمقصود سد الخلة، كما أجازوا دفع القيمة سواء أكانت مالًا أم غيره.
وقال الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة: يجب التمليك، ولا تجزئ الإباحة، فلو غدى المساكين أو عشاهم لا يجزئ؛ لأن المنقول عن الصحابة الإعطاء، ولأنه مال واجب للفقراء شرعًا، فوجب تمليكهم إياه، كالزكاة. اهـ.
ويجزئ أن تعطي المسكين في يوم واحد المقدار الواجب من عدة كفارات، جاء في الإقناع وشرحه: وإن دفع إلى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه) لأنه دفع القدر الواجب إلى العدد الواجب فأجزأ، كما لو دفع إليه ذلك في يومين .اهـ.
فيمكنك أن تعطي مسكينًا واحدًا في يوم واحد صاعًا من أرز مثلًا عن كفارتين، ..
م/ن