مقدمات في العلوم الروحانية
بسم الله الرحمن الرحيم
(( أعاهد الله ورسله وملائكته وعباد الله الصالحين من الأنس والجن والجان أجمعين ، أني لن أكون مسئولا أمام الله عن كل عمل يغضب الله ، يقوم به أي طالب لايتمسك بتقوى الله ، ألا اللهم قد بلغت ، ألا اللهم فأشهد))
تعريف الأعمال الروحانية :
يراد بالأعمال الروحانية : الأعمال التي تفوق قدرة الحواس الطبيعية أو قدرة العقل كجلب النفع أو دفع الضرر ، وهذه الأعمال لها أقسام متعددة فمنها ما هو خير ومنها ما هو شر ويكون مدى استخدام الخير والشر منها على ذات المستخدم فالإنسان الذي يسعى للإصلاح بين الناس ويساعدهم على حل مشاكلهم يكون عمله الروحاني خيراً وبالعكس فالشخص الذي يسعى بهذه الأعمال إلى الإيقاع بالناس وزرع الحقد والضغينة بينهم بأعمال التفرقة أو المرض أو سوء الحظ فإن عمله الروحاني يكون شرا وعامة أعمال الخير تكون أكثر استجابة وسرعة في نجاحها خاصة إذا ابتغى الروحاني خدمة الناس ومساعدتهم لأن خدام الأسماء والأعمال من الروحانيين يحبون تقديم المساعدة للناس ، وبالعكس فإن أعمال الشر والفراق والجنون وما إلى ذلك تكون بطيئة الإستجابة وقد لا تحصل إلا إذا عمد المستخدم إلى الإستعانة بالأعمال السفلية وأقصد بالأعمال السفلية تلك الأعمال التي يستعين بها المستخدم ويعتمد في نجاحها على الشياطين وهذه الأعمال محرمة كما سيجيء عند حديثنا عن الأعمال الروحانية بين الحلال والحرام ـ فالأعمال الروحانية سلاح ذو حدين يمكن أن نستفيد منه في حياتنا وقضاء حوائجنا وحل مشاكلنا ويمكن أن نستخدمه في تدمير مبادئنا وتحطيم قيمنا وإلحاق الضرر والأذى بالآخرين ، ويكون مدى استخدام هذا السلاح في الأوجه المشروعة أو غيرها على أخلاقيات المستخدم ودينه ومبادئه . وأنا أناشد كل مستخدم أن يراعي دينه وضميره في عدم إلحاق الضرر بالآخرين وأُذكره بأن حكماء الجان وروحانييهم يرفضون أي ضرر يكونون هم سبباً في إلحاقه بالآخرين .
العلوم الروحانية بين الحلال والحرام :
يتبادر عند الكثيرين من الناس في بعض الأحيان سؤال حول الحكم الشرعي لاستخدام العلوم الروحانية هل هو حلال أم حرام ؟ ومع الأسف نرى أن العديد من الناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية يتسرع في الحكم عليها ويجزم بالتحريم وهو لايعرف معناها وأقسامها بل يبالغ البعض بتكفير مستخدمها وأنا لا أعرف على أي أساس شرعي احتجوا في ادعائهم هذا ـ وأنا متأكد أن الذي يسارع في الحكم في مثل هذه الأمور ليس له دراية بالأحكام الشرعية ولم يدرس بعمق النصوص القرآنية ولم ينظر في أقوال المفسرين والفقهاء بل أجزم أنه لا يفرق بين العلوم الروحانية وأقسامها والسحر الذي يراد به إلحاق الضرر بالناس والذي حرمه القرآن الكريم والسنة النبوية ، ولتوضيح هذه المسألة نقول وبالله التوفيق . لا يمكن لنا أن نذكر حكم شرعي واحد في العلوم الروحانية لأنها تشمل علوماً كثيرة وكل علم له حكمه الخاص به ونحن سنوضح العلوم التي تخص كتابنا هذا ولا نخرج أو نطيل خشية التوسع والاستطراد .
1. الأعمال الروحانية :
تنقسم الأعمال الروحانية إلى خير وشر فإذا كانت أعمال خير وليس فيها ما يدل على الكفر أو التوسل أو التقرب إلى الجان فهذه لا بأس بها والله أعلم ، أما أعمال الشر فإذا كانت كذلك أي ليس فيها صيغ كفرية أو ما يدل على الإستعانة والتقرب إلى الجان فلا بأس بها إن عملت لمستحقها " الإنسان الظالم ، أو المتعدي ، أو الماجن " كعمل الفرقة لأشخاص يجتمعون على الاثم والفساد والعدوان وإن كان الأفضل تركها والإستعانة بالأدعية والأذكار وخواص الأسماء الحسنى والآيات القرآنية فإنها أقوى استجابة وأما إذا كانت الأعمال الروحانية سواء خير أو شر تحتوي على صيغ كفرية أو استعانة بالجان بالتقرب إليهم بأمور غير شرعية فهذا لا يجوز قطعاً، وصرح بذلك أغلب أئمة وعلماء الإسلام والله أعلم .
2. الأقسام والعزائم والمنادل وغيرها :
إن كانت صيغها ومعانيها عربية أو غير عربية مفهومة المعنى وتحتوي على آيات قرآنية أو أذكار نبوية وليس فيها أي شيء يدل على الكفر أو الحرمة فهذه لا بأس بها وقد صرح كثير من علماء الإسلام بجوازها وعدم حرمتها . وأما إذا كان العكس أي فيها ما يدل على الكفر فهذه حرام قطعاً .
3. الطلاسم والأرصاد الفلكية :
ربطت الطلاسم بالأرصاد الفلكية للعلاقة الوثيقة بينهما . والطلاسم قد صرح الكثير من العلماء بحرمتها لأن أصلها غير عربي وغير مفهوم كما أن كاتبها أو عاملها يعتقد بتأثيرها وتأثير الأفلاك على قدرة الله تعالى المؤثرة في كل شيء وهذا الأمر قطعاً محرم ليس في الإسلام فحسب بل في جميع الديانات السماوية. وهنا أود أن أوضح مسألة ولكني أوجهها لذوي العلم والاختصاص وهي أنه إذا قام الروحاني بعمل طلسم واستخرج حروفه أو إعداده من الآيات القرآنية أو الأدعية والأذكار أو أسماء الله ـ تعالى ـ أو ما شابه ذلك وحولها إلى حروف روحانية وكتبها في وقتها الخاص وأراد بها الخير ولم يعتقد بتأثير الكواكب والطلسم بذاته بل اعتقد أن المؤثر هو الله
ـ تعالى ـ الذي أودع أسراره في الحياة فهذا الفعل فقط قد صرح بعض علماء الإسلام بجوازه ، وأما غير ذلك كالطلاسم غير مفهومة المعنى أو الطلاسم التي يفعلها الروحاني لإنزال الضرر بالآخرين أو التي تحتوي على معاني كفرية وشركية فهذه قطعا حرام والله أعلم .
4. الاستخدامات والإستحضارات :
هذا القسم كغيره من الأعمال الروحانية منه الحلال ومنه الحرام فالحلال يعتمد على ذات القسم وألفاظه وخدامه من الجن إن كانوا صالحين فحلال أو عكس ذلك فحرام قطعاً .
5. الأوفاق والحروف وخواصها :
هذا العلم المستقل عن الأعمال الروحانية له علاقة بها ولذلك ذكرناه هنا ، وقد اختلف فيه العلماء على قولين فالأغلبية منهم قالوا بحلاله والبعض ممن لم يتعمق بدراسته صرح بتحريمه أو بكراهيته ولكن الصحيح أنه مباح وحلال وقد يثاب مستخدمه إن استخدمه في الخير بعكس ما إذا استخدمه في الشر [راجع تفسير مواهب الرحمن في تفسير القران ، للشيخ عبد الكريم المدرس ، ج1 . وكتاب الفتاوى الحديثة لأبن حجر الهيثمي ، ج1 ، ص 82 ـ 83 . ] .
هذه بعض أحكام استخدامات هذه العلوم ذكرتها مختصرة من كتب التفسير والفقه ومن أراد التوسع في ذلك فليراجع الكتب الفقهية المطولة .
أقسام الأعمال الروحانية وأنواعها :
يمكن تقسيم الأعمال الروحانية حسب التصرف في استخدامها إلى أقسام متعددة وفيما يلي تفصيل ذلك .
1. أعمال الخير :
وهي كل عمل يبغي به المستخدم الإصلاح والخير أو قضاء الحوائج وتسهيل الأمور كأعمال المحبة والتهييج والجلب وزواج البنت البائرة وجلب الزبائن إلى محل التجارة وقضاء الحوائج وغيرها من الأعمال التي سنذكرها ونوضحها في الفصل الرابع .
2. أعمال الشر :
وهي الأعمال التي يبغي بها المستخدم إيذاء الآخرين وإلحاق الضرر بهم لقاء دراهم معدودة وهذا النوع من الأعمال له صور متعددة كأعمال الفرقة والبغضة وأعمال التسليط والإرسال والرجم وأعمال الربط والعقد وأعمال الهلاك والقتل وغيرها .
3. الدعوات والعزائم :
الدعوة أو العزيمة ، هي مجموعة ألفاظ مرتبة على شكل دعاء طويل أو قصير يحتوي في كثير من الأحيان على كلمات سريانية [الألفاظ السريانية الموجودة في الأقسام والدعوات الروحانية غير الألفاظ السريانية التي يتكلم بها النصارى لأن السريانية الروحانية قديمة ومنها ما يعد لغة التخاطب بين الجان. ] أو عبرية فضلا عن العربية يقسم بها الروحاني على الجن أو الشياطين بغية تحقيق طلب معين أو قضاء حاجة أو ما إلى ذلك . وهذه الدعوات والأقسام والعزائم منها ما هو محرم لما فيها من التذلل للشيطان والإستعانة به ونبذ الأديان السماوية ، ومنها ما هو حلال كالطلب من الروحانيين أو الجن المسلم الصالح المساعدة في استشارة أو قضاء حاجة بقراءة الدعوة عليهم بشروط معينة ليس فيها ما يوجب الخروج عن الدين أو الكفر حتى وإن كانت بألفاظ غير عربية ولكن شرط أن تكون معروفة المعنى ومن هذه الدعوات دعوة البرهتية العظيمة أو العزيمة الجامعة المنسوبة لآصف بن برخيا أو القسم السليماني أو الدعوة الجلجلوتية المباركة وغيرها .
4. الخلوات والإستخدامات :
وذلك بأن يعمد المستخدم إلى الإنعزال في مكان بعيد عن الناس والضوضاء على أن يكون نظيفاً وطاهراً بدناً وثوباً ومكاناً وفي كثير من الخلوات يكون صائماً أيضاً لكي تسمو روحه ويتمكن من الإتصال بالجان أو الروحانيين ثم يتلو دعوته أو أسماءه وهو يشعل البخور وبعد إنهاء المدة يحصل له الحضور ويكون بينه وبين الجني الذي استحضره عهد وميثاق وعندئذ يستطيع المستخدم أن يستفيد من هذا الخديم فيما يريد ، وللخلوات شروط وقواعد لا يمكن أن نذكرها هنا خشية الإطالة .
فائدة :
يختلف العهد والميثاق بين الجان الصالح أو المؤمن أو الروحانيين وبين الشياطين والجن الكافر ، فالجن الصالح أو الروحانيون يشترطون على المستخدم أربعة شروط رئيسة هي:
1. المواظبة على النظافة وصلاة الجماعة .
2. تحري الطعام والرزق الحلال .
3. المواظبة على صيام التطوع كصيام الاثنين والخميس مثلاً .
4. زيارة مقابر المسلمين كل أسبوع مرة أو مرتين .
وغالبيتهم يشترطون التمسك بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف بوصفه شرطا أساسيا للعهد والميثاق ومخالفته تعني انقطاع العلاقة والاتصال .
أما الشروط التي يفرضها الشيطان أو الجني الكافر فهي :
1. الكفر بجميع الأديان السماوية .
2. المواظبة على أفعال الدعارة كالزنا والفاحشة حتى بالمحارم .
3. المواظبة على تقديم القرابين للشيطان وتشمل هذه القرابين أطفالاً صغاراً يذبحون للشيطان ، كما كان يفعل السحرة في اوربا في القرون الوسطى .
4. السعي بأعمال الشر التي تؤذي الناس وتلحق بينهم العداوة والبغضاء .
وهذا العهد يشتمل على صور فعلية يقدمها الساحر للشيطان كأن يضع قدميه على كتاب الله تعالى أو يبول عليه والعياذ بالله أو يكتب آيات الله على خرق النجاسة كما يكون قد دخل خلوته وهو نجس بدناً ومكاناً ويتقرب إلى الشيطان بكل عمل مشين وقبيح حتى قد يطلب منه الشيطان أن يزني به وكلها أفعال توجب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . نسأل الله العافية .
5. المنادل :
وهذه الطريقة كثيرة الانتشار عند جميع الذين يشتغلون بهذه العلوم وهي بأن يسعى المستخدم بتحضير مرآة أو فنجان فيه زيت يضع فيه قطرة حبر اسود لكي تعكس الرؤية أو غير ذلك من طرائق الرؤية ثم يأمر صبي دون سن البلوغ بأن يركز نظره على المرآة ومن ثم يبدأ الروحاني بقراءة قسم تحضير المندل حتى يحضر الجان في المرآة ويراهم الناظر ( الصبي ) ويسألهم عما يريد ولا تكون الرؤية إلا للصبي الذي يعد وسيطاً ما بين الجن والمستخدم. والمنادل منها ما هو سفلي أي يحضره الشياطين أو الجن الكافر ومنها ما هو علوي يحضر فيه ملائكة أو روحانيون أو جان صالح ويعتمد نوع الحضور على القسم الذي يقرأ
فائدة :
المقصود بكلمة روحاني من الجن أو روحانيون هم صالحي الجن ومؤمنيهم الذين هم أحرص الجان على عبادة الله تعالى وتقواه فيرتقون من مستوى الجن إلى مستوى الملائكة بالعبادة والطاعة لله تعالى فيسمون روحانيين ، وهذه اللفظة أصبحت تطلق على المشتغل بالعلوم التي لها علاقة بالجن والأرواح
منقول