قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 2-3].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ [الطلاق: 5].
1- رتب الله في هذه الآيات جزاء كثيراً على التقوى:
أ- يجعل له مخرجاً.
ب- يرزقه من حيث لا يحتسب.
ت- يجعل له من أمره يسراً.
ث- يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً، وهذا يدل على تعظيم قدر التقوى وأنها رأس الأمر كله وخلاصة دين رب العالمين، ووصيته لهم أجمعين.
2- جعل الله سبحانه التوكل في هذه الآيات قرين التقوى وواسطة عقدها: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[الطلاق: 3]، وهذا يدل على أن التوكل على الله يقي من السوء ويصرف الشر.
3- وهذا الفصل والوعد حق من الله، لا يستبعد وقوعه، ولا يشك في تحققه لأن الأمر كله بيد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ [الطلاق: 3].
4- فكما أن الوعد من الله كذلك التدبير تدبيره، والقضاء قضاءه، فالأسباب يهيئها الله والنتائج بيده، ولذلك قال الله تعالى: ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2]، قد يأتي الفرج من الضيق واليسر من العسر والغنى من الفقر.
5- لكل أجل كتاب ولكل قضاء قدر فلا ينبغي العجلة في الدعاء، بل عليك بالإلحاح والإكثار؛ لأن الله أكثر وأكبر: ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3].
6- التقوى والتوكل: كما أنها تجلب الخير، وتدفع الضر، وتقي من السوء، كذلك تورث انشراح الصدر وتيسير الأمر: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4].
7- هذه الآيات عليها مدار الخير كله ورصيد الدين كله، فهي تشبه قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾[الفاتحة: 5]، فالعبادة ثمرتها وخلاصتها التقوى، والتوكل ثمرته ولبابه الاستعانة بالله.
ومعلوم أن مقامات الدين بين قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ و﴿إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
8- لا تقل أجرب؛ فإن الله -عز وجل- لا يجرب، ومن الذي يجرب المجرب عقله مخرب، بل اتق الله وتوكل عليه وأقدم وأنت واثق بربك أكثر من كل ثقة.
قال ابن الجوزي: ضاقت علي الأمور وتوارد علي الهم والغم، فعرضت ذلك على قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4]، فبمجرد العزم على التقوى فرج همي، وتيسر أمري، وكان لي فرج ومخرج.
اللهم اجعل لنا من كل ضيق مخرجا وارزقنا من حيث لا نحتسب واجعل لنا من امرنا يسرا وكفر عنا سيئاتنا واعظم لنا أجرا..
م/ن