أن يطلع البشر على كل الغيب، الذي استأثر به الخالق سبحانه هذا من الاشياء المستحيلة ، فهم ليسوا مهيئين بطبيعتهم التي فطرهم عليها للاطلاع على الغيب، وجهازهم البشري الذي أعطاه الله لهم ليس "مصمما" على أساس استقبال هذا الغيب إلا بمقدار. وهو مصمم هكذا بحكمة. مصمم لأداء وظيفة الخلافة في الأرض. وهي لا تحتاج للاطلاع على الغيب. ولو فتح الجهاز الإنساني على الغيب لتحطم. لأنه ليس معدا لاستقباله إلا بالمقدار الذي يصل روحه بخالقه، ويصل كيانه بكيان هذا الكون.
وقد زعم الناس أن الجن يعلمون الغيب وهو المجهول فبين الله لهم بالتجربة فأمات سليمان (ص)وهو على كرسيه ولم تعلم الجن بموته حتى أكلت الأرضة عصا سليمان(ص)فسقط على الأرض عندها عرفت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب وهو المجهول ما ظلوا فى العذاب المهين طول فترة بقاء سليمان (ص)على الكرسى دون سقوط وفى هذا قال تعالى بسورة سبأ"فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تاكل منسأته فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين "
إن الإنسان يعلم الغيب فى توقيت معين هو عندما يخبرنا الله به فى الوحى وفى هذا قال تعالى بسورة هود"تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل "
فالله يوحي إلى الرسل ما شاء كما أوحى إلى نبينا صلى الله عليه وسلم أشياء كثيرة من أمر الآخرة وأمر القيامة وأمر الجنة والنار وما يكون في آخر الزمان من الدجال ومن المسيح وأمر الكعبة ويأجوج ومأجوج وغير ذلك مما يكون آخر الزمان، كل هذا من علم الغيب، أوحى الله به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم وعلمنا إياه وصار معلوماً للناس، وهكذا ما يعمله الناس من أمور الغيب عند وقوعه في بلادهم أو في غير بلادهم ويكون معلوماً لهم بعد وقوعه وكان لا يعلم لهم قبل ذلك
إن الله لا يغيب أى لا يخفى عليه مثقال ذرة فى السموات والأرض ولا أصغر ولا أكبر فكله مسجل فى كتاب مبين وفى هذا قال تعالى بسورة سبأ"عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين"إن الله عنده مفاتح وهى أخبار الغيب وهو الخفى لا يعرفها سواه وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "