الهنود أخذوا الطريقة البابلية الستينية في الترقيم، ولكنهم في أراجيزهم يذكرون الأعداد بالألفاظ ، إلا أن أريابهاتا يرمز إلى الأعداد من (1) إلى (25) ثم (30) و (40) إلى (100) بحروف صوتية، ويستعمل حرفي العلة الألف والياء لتمييز المنازل، فسيتعمل الألف للدلالة على الآحاد والعشرات، والياء للدلالة على المئات والألوف، وهذا الترقيم تطوير لترقيم بدائي نجده على قطع العملة اليونانية التي كانت في أيام بطليموس، أو لعله تحوير للترقيم اليوناني الأبجدي نفسه، وهو لا يحمل أي أثر من آثار الترقيم الهندي الذي أخذه العرب".
لقد أعطى الأرقام من 1- 9 رموزا أبجدية خاصة، وجعل للصفر رمزا خاصا به. وهذا أول نظام عشري منزلي في الهند.
العد والترقيم عند العرب كان يتوغل قديما في الهند ، فقد ظهر النظام العددي في الهند خلال القرن الخامس قبل الميلاد، وفي هذا النظام تأخذ الأرقام التسعة الأولى قيما متغيرة ترتبط بالشكل والموضع الذي تحتله".
" وقد بحث (سمث) و (كاربنسكي) في صور الأرقام الهندية، فقسماها إلى ثلاث مجموعات تمثل ثلاث مراحل:
1- مجموعة متقدمة العهد، استعملت فيها حروف أبجدية أو ألفاظ للدلالة على الأرقام.
2- ثم المجموعة الخاروشتية الشعبية: وهذه بدأت تتخلق في القرن الثالث قبل الميلاد، ثم اتخذت في مدى قرنين أشكالا بينة، ولكنها لا تنطوي على فكرة منازلية، وقد وجد ( سمث) و ( كاربنسكي) شبها بين هذه الأشكال وبين الحروف النبطية، ولكنهما استبعدا أن تكون الأشكال الخاروشتية هي أصول الأرقام الهندية التي وصلت إلى العرب والأوروبيين،
3- أما المجموعة الثالثة : فهي المجموعة البراهمية، وقد اعتبراها الأصل الذي نجمت عنه الحروف الديوانجارية ،
"إن صور الأرقام يبدو أنها انحدرت من صور حروف ديوانجارية هي أصول الحروف السنسكريتية التي تكتب بها اللغة البراهمية".
وهي أمهات الأرقام السنسكريتية الحاضرة. ولكن (سمث) و ( كاربنسكي) لم يستطيعا أن يجزما بأنها أمهات الأرقام العربية".
لقد كانوا يكتبون بالتسعة الأحرف على هذا المثال:
وابتداؤه: ( أ، ب، ج، د، ه، و، ز، ح, ط )، فإذا بلغ إلى ط، أعاد إلى الحرف الأول ونقطه تحته على هذا المثال:
فيكون: ( ي، ك، ل، م، ن، س، ع، ف، ص )، يزاد عشرة عشرة فإذا بلغ إلى صاد، يكتب على هذا المثال وينقط تحت كل حرف نقطتين هكذا:
، فيكون: ( ق، ر، ش، ت، ث، خ، ذ، ض، ظ )، فإذا بلغ ظ، كتب الحرف الأول من الأصل وهو هذا:
ونقط تحته ثلاث نقط هكذا، فيكون قد أتى على جميع حروف المعجم ويكتب ما شاء".
والأرقام الهندية عشرية منازلية، فقد أثبت بعض الباحثين الغربيين من خلال دراسة مجموعة من الألواح والنقوش السنسكريتية، أن الترقيم الهندي كان في القرن الثامن الميلادي منازلياً، بل توصل بعض الباحثين من خلالها أيضاً في القرن السادس الميلادي، ويرى بعض الباحثين أنه كان أقدم من هذا الزمن بكثير.
ولعل الهنود اقتبسوا هذه الطريقة المنازلية عن البابليين، لكنهم طوروها بابتكارهم لفكرة الصفر وشكله الذي يستفاد منه ملء المنازل الخالية، إلى جانب استعماله بمعنى: لا شيء. وقد استعمل الإغريق الصفر بالشكل الذي استعمله الهنود على صورة دائرة ، وكان الحاسب الهندي يضع خطاً أفقيا فوق الرقم ورمز الصفر، وكذلك فعل الإغريق.
الهندي كان يستعمل في حسابه اللوح والتراب، حيث يرش التراب على اللوح فيعلق به الغبار، ثم يخط الأرقام بأصبعه – أو بشيء آخر -. ومن هنا عرفت الأرقام الهندية بحروف الغبار.
لكن يبدو أن هذا الحساب المشار إليه كان مستعملاً في بعض نواحي الهند – السند، والبنجاب، وأفغانستان: حيث انتشرت الكتابة الخاروشتية – لدى العامة والتجار، دون غيرهم من الفلكيين والرياضيين الذين ارتضوا النظام الستيني. وقد انتقل هذا الحساب عبر التجار إلى النواحي المجاورة، ولما وجد الهنود اهتمام الناس بهذا الحساب الذي صدر عن بعض جهاتهم استعمله الكثير منهم، وأما الذي كان عليه عامة أهل الهند من الأرقام فهو أخذهم بصور من الكتابة الديوانجارية0
منقول للفائدة