لما كان الكفر هو السبب في الخلود في النار فإن النجاة من النار تكون بالإيمان والعمل الصالح، ولذا فإن المسلمين يتوسلون إلى ربهم بإيمانهم كي يخلصهم من النار، ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّار﴾، ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ191/3رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ192/3رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ193/3رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.
وقد فصَّلت النصوص هذا الموضوع فبينت الأعمال التي تَقي النار، فمن ذلك محبة الله، ففي مستدرك الحاكم ومسند أحمد عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لا يلقي الله حبيبه في النار»، والصيام جنة من النار، في مسند أحمد، والبيهقي في شعب الإيمان بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: الصيام جنة يستجن بها من النار»، وعند البيهقي في الشعب من حديث عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنة من عذاب الله» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة وإسناده صحيح، أما إذا كان الصوم في حال جهاد الأعداء فذاك الفوز العظيم، فعن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام يوما في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفا»، رواه أحمد، والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
ومما ينجي من النار مخافة الله، والجهاد في سبيل الله ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾، وروى الترمذي والنسائي في سننهما عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار من بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم»، وفي صحيح البخاري عن أبي عبس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله، فتمسه النار»، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا». ومما يقي العبد من النار استجارة العبد بالله من النار، ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا 65/25إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾، وفي مسند أحمد وسنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم بإسناد صحيح عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما سأل أحد الله الجنة ثلاثا، إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنّة، ولا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثا، إلا قالت النار: اللهمَّ أجره مني».
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الملائكة الذين يلتمسون مجالس الذكر وفيه: أن الله عز وجل يسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: «فمم يتعوذون؟ فيقولون: من النار، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشدَّ منها فرارا، وأشدُّ مخافة، فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم».