بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
المستغفرين بالأسحار
و لماذا التخصيص هنا ؟
فالكثير من الآيات اشتملت على الدعوة للاستغفار عموماً .
أيكون للمرء طبيعة و نفسية و تركيبة ذهنية في هذا الوقت تختلف عن سائر اليوم ؟
فإذا ما امتزجت بحروف الاستغفار كان هناك نتاج جديد و متجدد لدورة جديدة في هذه الحياة ؟
عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ،عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:
"يَنْزِلُ رَبُّنا كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْل الآخِر فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ لَهُ؟
مَنْ يَسْألُني فأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِر لَهُ؟"
وفي رواية لمسلم "يَنزِلُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى إلى السَّماءِ الدُّنْيا كُلَّ لَيْلَةٍ
حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ فَيَقُولُ: أنا المَلِكُ أنا المَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذي يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ؟
مَنْ ذَا الَّذي يَسألُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ لَهُ، فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حتَّى يُضِيءَ الفَجْرُ".
وفي رواية"إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أوْ ثُلُثَاهُ".
فضل الأستغفار
قال الله تعالى "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله
ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" آية 135 آل عمران.
عن أسماء بن الحكم الفزاري قال سمعت عليا يقول إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا
نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني به وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته
وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ثم قرأ هذه الآية
(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله
فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون).
أخرجه أحمد والأربعة وصححه ابن حبان.
في النهار نتوه ...عن أنفسنا و ما كسبت و ما اكتسبت ، شغل و حركة ، لا مجال هنا لمراجعة أو إعادة نظر .
في الليل ...سكون و مأوى و قد يكون موعد مع النفس المتعبة ،
قد نفلح في كسب ثقتها بنا بعد ما فقدت الكثير منها أثناء النهار !!
قد تلوح محاولة لمكاشفتها ، و قد يكون هناك ما يعتلج في الصدور ،
يبحث عن متنفس من خلال حديث ، أو حروف على الأوراق مبعثرة هنا و هناك ، نقرا ، نكتب ، ترسل ، نستقبل ! ...
منا من يحالفه الحظ و تنقاد له النفس في ركعات في مثل هذه الأجواء الهادئة ،
و هل يبقى أجمل من هذا ممكن أن يطمح له المرء ؟
بعد أن اخبرنا المولى سبحانه بالكثبر مما يثبته العلم اليوم
من مثل تغير الجزئيات الكيمائية للماء إذا ما تليت على الماء آيات من القرآن الكريم ،
أو أن التسمية قبل الذبح تطهر الذبيحة من الكثير من الأمراض و الجراثيم ،
و الثانية تم اكتشافها بعد أبحاث طويلة لسنوات خلت في فرنسا ،
هل يمكن أن توجد علاقة بين الاستغفار في هذا الوقت و ثمة احتياجات لهذا الجسد
و هذه النفس لا تتحقق إلا بهذا التفاعل في هذا الوقت تحديداً ؟
و إن ثبت أو لم يثبت ،
أين نحن من هذه العبادة في هذا الوقت كانطباع روحاني يمتزج بأسرار الليل و أنفاس السحر و الأثر الحياتي المرتقب ،
هل التقيت نفسك في هذا الوقت من قبل ،
ماذا و جدت و ماذا اكتشفت ، أكان لقاءً اعتيادياً روتينياً ، أم من دهشتك تحيرت !
هل عدت ، أم كان لقاء و السلام ، و لئن تكرر اللقاء فهل لديك طرق و نصائح تعين المتلهف المحروم ،
هل أضاف إليك ، أم لا زلت أنت أنت ،
الاستغفار في الأسحار يتصف بالروحانية ومن يتذوق لذته لا يسأم من مشقته
ربما لان الليل يكون الذهن أكثر صفاء و تكون النفس أكثر استقرارا من مشاغل الحياة
وربما لتذكير النفس لهدفها السامي كي لا تنغمس في الحياة الدنيا على حساب الحياة الأبدية.
وربما العبادات في النهار قد تتخللها شوائب كثيرة مثل الرياء .......الخ
وربما لأتصاف الليل بصفات تساعد على خلق جو روحاني.
ومن يريد أن يتذوق السعادة يجرب ولو مره الاستغفار في الأسحار
وذلك بعد كل يوم شاق توجه إلى ربك في أخر الليل وصلي ركعتين شكر على ما أعطاك
ومن ثم تطلب منه أن يغفر لمن ظلمك واعتدى عليك وبعدها اطلب منه المغفرة .
ستجد أن كل ضغوطاتك وهمومك ومشاغلك صارت سهله فهنا أنت لم تضيع وقتك لمشاغل الدنيا وإنما أضفت إليها ما ينقصها
قال الله تعالى ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) سورة العمران آية 134
اوفق احيانا للانتباه من النوم
قبل صلاة الفجر بنصف ساعه
فأصلي ماكتب الله لي
ثم ابقى في مكاني انتظر آذان الفجر
استغفر الله بشكل مكرر للجمل
ليس هناك تنويع في الاستغفار
ومع ذلك اشعر أنني في وضع روحاني
لم يسبق لي أن شعرت به
بل ذلك اليوم يكون في حياتي
يوم غير عادي
في العمل
ومع اسرتي في المنزل
ومع الناس بشكل عام
ولعل هناك سر لايعلمه إلا الله
ومن وفقه الله إلى ذلك العلم
إن مجرد شعورك بدنو الخالق من المخلوق في تلك السويعات المباركة يوحي إليك بالطمأنينه والأمن...
ويجعلك تستشعر عظم خالقك ومدى محبته العظيمة لعباده حينما يبسط إليهم يده كما يليق بجلال وجهه
وعظيم سلطانه ليأخذ بأرواحهم المستجيبة إلى عالم من الرحمة والغفران وتطهير النفوس
من علائق الدنيا وزخرفها الزائل........
ماأعظمها من لذه عندما تناجي إله الكون ورب الأرباب عندما تذرف تلك المدامع بين يديه سبحانه معلنا خضوعك التام لخالقك
الأعظم تستجدي مغفرته وعفوه ورضاه , ليمن عليك بفيض من الراحة والرضا الروحي والنفسي والجسدي وتستقبل يومك
بنفس يملؤها الحب للكون ولإله الكون...
وإن لليل لسحر عظيم سكونه يجعلك تخلو فيه بنفسك تتأملها فتطهرها من الآثام باستغفارك وتلبي رغباتها بما يرضي إلهك
بدعائك واتكالك عليه وتنقيها من الكراهية والحقد وتحاسبها على ما عملته في يومها فتلومها وتلح عليها ......
إن وقوفك بين يديه في تلك اللحظات العظيمه لهو فضل عظيم يهبه الله لمن يشاء من عباده .....
قال تعالى : (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا)
النفس مجهدة والذنوب تثقل الروح والجسد متعب والحياة تستمر إلى أن يحين موعدها بأذن ربها ومن خلالها وقفات
من النعم الكثيره التي أنعم الله بها على عبادة بعد ذلك اليوم العسير وبعد تلك المشكلة العصيبة وبعد ذلك العمل الذي لا ينتهي
أذكر الله في دقائق وربما ثواني لاأدري ولكنها كلمات رغم قصرها وسهولة نطقها تكون كمن يزيل التعب ويخفف الحزن
ويدخل السرور ويطيب الخاطر ويزيل المصائب والهموم كأنها لم تكن لا أعلم أحداً في الكون كلهِ يستطيع أن يكون لديه
مثل تلك القوة إلا الله سبحانه فلم التعجب ولم التساؤل ولم َ...
ذلك اليقين في القلب لا يشكك ولو للحظة من عظمة الخالق الرحيم الرحمن بعباده
ذلك القلب المثقل أوليس يشتاق إلى ربه...
(أن في القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء البتة إلا ذكر الله عز وجل.)
وأوليس للروح حق كما للجسد حق { مثل الذي يذكر ربه، والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت }
فمن يريد أن يعيش ميتاً!
وأخيراً ألم يقل العظيم بعظمتهِ الرحيم برحمتهِ ( فاذكروني أذكركم )
فما أعظم من أن يكون الخالق مع عباده الضعفاء هذه بلا شك تدخل ضمن الإعجاز الأنساني !!
والتي تثبت نظريته كل يوم في الصباح والمساء فيا له من إعجاز
في الليل هدوء وسكينه
والإستغفار كعامل يحفز التفكير في الذنوب والندم عليها